السبت، 24 مارس 2012

مطب صناعي...ثورة اليمني على نفسه


ما يبدو لي هو أني استقي النظريات من مصادر يعتبرها البعض وسائل تغريبية و سطحية و منحطة وعديمة الفائدة ناهيك عن كونها "حرام"، لكني لن انفصل عن واقعي و أدعي المثالية و لكن سأظل أنظر الى "نصف الكوب المليان" و أستخدم العقل الذي منحنيه خالقي حتى أساهم في ملىء النصف الأخر و لو بمجرد تنويه (Awareness) مبسط و سهل التطبيق مراعياً الفروقات الفكرية و الثقافية بين من استهدفهم في هذه التنويهات.


الى كل من تبنوا افكاراً اردتنا الى الحضيض، الا كل من يرى في تعليم ابنائه مضيعة للعمر ليرمي بهم في جحيم الغربة ليتقاضوا البخس والغث، الى كل من ضيع ماله وقته وصحته لقاء أعواد قد يضيع بها ايظاً دينه و ضميره لقاء رشوة يتقاضاها، الى و الى و الى.... هذه هي ثورتكم وثورتنا القادمة، ثورة على أنفسنا وعلى الاصنام التي بداخلنا (إن الله لا يغير ما بقوم ٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم).

و أنا في رحلة علاجية الى الأردن اتصلت بي كريمتي وطلبت مني شراء كتاب سَمِعت عنه من برنامج اوبرا وينفري ولم يكن قد نزل في مكتبات الرياض بعد، ناهيك ان يكون قد عُـرب  لحسن الحظ ، هو كتاب " السر " The Secret"، و بلقافتي المعهودة قرأته و تعايشت معه عدة أيام لا يفرقني عنه الا النوم و الاكل و الصلاة، وجدته كتاب رائع يتبنى نظرية الجذب وكيف أن المرء يستطيع الحصول على مايريده اذا اعتقد انه يستطيع ذلك وتخيله وتعايش معه كما لو أنه حصل بالفعل، تمنيت و أنا أقرأه لو استطيع تأليف كتاب يربط بينه وبين موروثنا الاسلامي من القرآن والحديث النبوي لِما وجدته من الترابط الكبير بينهما  وكأني بالدكتور صلاح الراشد يقرأ افكاري و يصدر لاحقاً نسخة إسلامية من كتاب السر. وبأحد الايام  كنت بأحد المولات وتعرفت على أخ أردني هناك و تعازمنا على فلم حديث بالسينما للمصري الرائع أحمد حلمي أسمه "مطب صناعي" و بالصدفة تفاجأت بالفيلم يؤيد نفس النظرية وكل نظريات التنمية البشرية وما حولها.

يحكي الفلم قصة شاب ظريف عاطل عن العمل يعيش في بيئة محبطة عدا والده الذي يقوم بدور المحفز فقط، بالإضافة الى رغبته بالسباحة عكس التيار المتجه خطأ أصلاً والذي لا يبعث الا على الملل واليأس والاستسلام للواقع المر، وقع بيد الشاب كتاب محفز يرشده كيف يستطيع تحدي الصعاب باستخدام قواه الكامنة وقوة عقله الباطن وما الى ذلك، يكافح الشاب في عدة مواقف حتى ما أن يقترب من النجاح ليصادف عقوبات تعيده الى قرب نقطة الاحباط واليأس، و لكن يقرر أن لا يستسلم فيستعيد حماسه ليواصل مشواره نحو النجاح.

نظرية السعي نحو الأفضل يحلو لي أن أسميها نظرية "المطب الصناعي"، أي أن الأنسان يستطيع - إذا هو أراد - أن يحصل على أكثر مما حصل عليه الأخرين إذا سعى لذلك، ويحصل ذلك على عدة مراحل: اولها أن يحطم كل المطبات الصناعية التي وضعها في مخيلته  ثم ثانيا تحطيم الاصنام البشرية التي ساهم في صنعها باستسلامه لها وسماحه لها أن تعيث في الأرض فسادأً وتأكل الحرث و النسل، و ثالثا وهي الخطوة المؤملة من الشعب اليمني الان وهو أن يعيد هيكلة نفسه و أفكاره وعاداته وتصرفاته و أولوياته ليتخلص من الفاسد و السلبي ويبقي على الناجع منها والإيجابي. ولعمري ان اليمانيون  قد نجحوا في المرحلتين الأولى والثانية بما قاموا به في ثورتهم المباركة، ولكن يتبقى أن تستمر الثورة على كل المطبات الصناعية والاصنام لتتعداها الى ثورة المرء على نفسه من أجل تصحيح المسار، وبما أن الفرد نسيج الأسرة والأسرة نسيج المجتمع وبالتالي الوطن بأكمله، فإن صلاح حال الوطن سيكون بسببك وسببي نحن الافراد.


و دمتم

عبدالعزيز الحيدي