الخميس، 29 مارس 2012

أبناء مارتن لوثر في اليمن

يروي لي بآهاااااات وهو يعض على شفته السفلى والغيرة تظهر من غمزة عينه اليمنى، يقول: رأيت تلك الفتاة الشقراء فارعة الطول الكاشفة عن ساقيها وسرتها وثلثي نهديها ونسمات الهواء تغازل شعرها المنكوش، لعمري لم يقهرني ويشعل الغيرة في صدري سوى منظر ذلك الفتى الافريقي ويده تلف على خصرها النحيل متبخترا بوجهه الاسود وانفه الافطس وبنيته الصارخة. مثل هذا المشهد الذي رئاه صديقي يتكرر كثيرا في الافلام والمسلسلات الاجنبية، وتلاحظه يتكرر وينعكس ايظا وانت تتجول بشوارع باريس لترى ذلك الابيض الوسيم المهندم تتلبطه سوداء لتغيض به الشقروات.

مشهد لم يكن ليرى النور في عاصمة الانوار لو أن روزا باركس لم تتجرأ و تجلس بأحد مقاعد الباص المخصصة للبيض عاصية بذلك التقاليد السائدة بامريكا آنذاك حتى و قد مر قرن على تحريرهم من العبودية على يد القائد العظيم ابراهام لينكون. ولأن كل ثورة يشعلها فرد واحد بجنونه و تحديه للواقع, فسيدة الباص هذه كانت أشعلت الشرارة الأولى لالغاء التمييز العنصري ضد السود عبر اضراب عام عن ركوب الحافلات استمر 381 يوما قاده قس يدعى مارتن لوثر كنج.

في 1963 يعتلي المنصة القس الاسود امام النصب التذكاري للينوكن، وهنالك يلقى مارتن خطبته العصماء "لدي حلم" " I have a dream" امام ربع مليون أسود و أبيض فيصدع بصوته الجهوري: "لدي حلم بأن يوم من الأيام أطفالي الأربعة سيعيشون في شعب لا يكون فيه الحكم على الناس بألوان جلودهم، ولكن بما تنطوي عليه أخلاقهم". ثم يلقى حتفه بعد ذلك فداءا لحلمه الذي لازال حي من بعده. عاش حلمه حتى جاء اليوم الذي يحكم امريكا رجل أسود، ولكن لا زال الحلم مستمر حتى تعاد الكرامة لمن سلبت منهم في كل أنحاء المعمورة وبالأخص من يسموا "الاخدام" في اليمن.

أبناء مارتن لوثر كنج في اليمن هم "الأخدام" المعزولين بين القمائم والقاذورات، المتوسدين بتراب الارض وما يبللها من مخلفات الامطار و البالوعات، والمتلحفين بالمفارش البالية والاتناك المصدأة، يتعللون بنسمات روائح النفايات التي يجمعوها والاحذية التي يخيطوها، محرومون من أدنى حقوق الانسانية والكرامة, لا من يلتفت اليهم، و يندر من يعرض قضيتهم بالرأي العام، وكأني بمنظمات الامم المتحدة و جمعيات حقوق الانسان لا تعلم بوجودهم أو لا تأبه به.

يتملكني أشد اليقين بأنه سيأتي اليوم الذي تظهر فيه روزا باركس أخرى باليمن، وسيفجر أبناء مارتن لوثر ثورتهم القادمة على كل من همشهم بعمد او بغير  عمد، ليستعيدوا بذلك حقوقهم التي سلبت و كرامتهم التي وئدت و أنسانيتهم التي قتلت.

ودمتم

عبدالعزيز الحيدي